الرسالة بأنها أروع أثر أدبي عنى القاضي الفاضل به وبتدبيجه 1. ومنهم الدكتور عبد اللطيف حمزة الذي تناول موضوع الرسالة بالتفصيل وركز تحليله بأنها تشتمل على وصف الحرب وآلاته وخاصة المنجنيقات , ثم ما ترتب عن هذه الموقعة من آثار , كما أنه اهتم بإظهار الصور البلاغية فيها 2, وكذلك ركز الأستاذ أنيس المقدسي على شرح أسلوب القاضي الفاضل من الناحية البلاغية3.
يصف القاضي الفاضل العدو في هذه الرسالة بأنه في خوف وفزع , وسلاحه أصبح بلا جدوى , سيفه كالعصا , وصرعت عدده وكان الأكثر عددا وحصى , وكلت حملاته , وعثرت قدمه , والقاضي الفاضل يشخص ضعف أسلحته , فالسيف قد نام جفنه , والرماح جدعت أنوفها , فتطهرت الأرض المقدسة من رجسهم , وأصبحت بيوت المشركين متهدمة , وأصبحت نيوبهم متكسرة , وقد أجمعت جيوشهم على تسليم البلاد , وأذعنوا لكل ما طمع المسلمون فيه من شروط , فلم تنجهم سيوفهم , ولا وسعتهم دورهم وأفنيتهم , وضربت عليهم الذلة والمسكنة.
ويصف لقاء صلاح الدين الأعداء ونصر الله له , فقد أمكنه من تقتيلهم وأسر بعضهم , والاستيلاء على أسلحتهم , ففي هذه المعركة أصابت سيوف المسلمين التفلق , والرماح تكسرت , وانطلقت السهام من أقواسها لتنهش فرسان المشركين وشجعانهم.
وأسر ملكهم ومعه صليب الصلبوت , الذي كانوا يقاتلون تحته أصلب قتال وأصدقه , ويرونه ميثاقا يبنون عليه أشد عقد وأوثقه. وكذلك أسر المسلمون ساداتهم , ولم يفلت منهم إلا القومص بحيلته ومكره , ولكن أدركته المنية بعد أيام من هربه.
ثم يلي هذا اللقاء الذي انكسرت فيه شوكة الأعداء , أن تسقط البلاد في يد السلطان صلاح الدين بلدا بلدا , ويرتفع الراية العباسية خفاقة عالية , وتبدل المذابح منائر والكنائس مساجد.
ويبقى القدس وقد اجتمع منهم وبعيد , وظنوا أنها من الله مانعتهم , وأن كنيستها إلى الله شافعتهم.