وفضيلة مخالفتها إلا بينه وأوضحه، إلى أن يعيده إلى الفضائل، التي هي بالملوك النبلاء أليق.
ثم يعقد ابن منجب الصيرفي فصلا فيما يختص متولي ديوان الرسائل بالنظر فيه من الأعمال التي لا يقوم بها غيره، وهو: أن يلازم مجلس الملك ما كان جالساً ليتأس به سائر المستخدمين معه، ولا يجدوا رخصة في الغيبة عن الديوان، ثم تأمل الكتب الواردة على الملك وتسليمها إلى أوثق كتابه، وأمنهم في نفسه، ليخرجها في ظاهرها، ثم يعيدها إليه، فيقابل بها، فإن وجده أخل بشيء منها، أضافه بخطه، وأنكر عليه إهمالها ليتنبه في المستأنف، وإن لم يكن فيها خلل عرضها على الملك، واستخرج فيها أمره، وسطر تحت كل فصل منها، ما يجب أن يكون جوابا عنه، على أحسن الوجوه وأفضلها، ثم سلمها إلى من يكتب الجواب عنها، ممن يعرف اضطلاعه بذلك، ثم قابل الجواب بالتخريج، وما وقع تحته، فإن وجد فيها خللا سده، أو مهملا ذكره، أو سهواً أصلحه، وإن علم أنه قد كتبها على أفضل الوجوه وأسدها، وأنه لم يغادر معنى، ولم يزد إلا ألفاظاً، ينمق بها كتابته، ويؤكد بها قوله، عرضها على الملك ليعلم ما فيها، ثم استدعى من يتولى الإلصاق فألصقها بحضرته، وجعل على كل منها بطاقة، يشير فيها إلى مضمونه، لئلا يسأل عنه بعد إلصاقه، فلا يعلم ما هو، ثم يسلمها إلى من يتولى تنفيذها، إلى حيث أهلت له، ويأخذ خطه بعدتها، منسوبا كل منها إلى من كتب إليه، ومشاراً إلى مضمونه، ويسلم النسخ المخرجة الملخصة إلى من يؤهله لحفظها وترتيبها.
ويلزمه أن يتصفح ما يكتب من السجلات والمناشير والأمانات، وجميع ما يقع عليه اسم الإنشاء تصفحاً تاماً، يأمن معه أن يدخل على شيء مما يكتب من ديوانه زيغ ولا زلل ولا تحريف.
ويلزمه أن يقيم حاجباً لديوانه، لا يمكن أحداً من سائر الناس أن يدخل إليه، ما خلا المستخدمين فيه1.
ثم يفصل بعد ذلك كيفية مباشرته لأعماله بقوله: "يوقع فيما أمكنه التوقيع فيه من رقاع المتظلمين، مما جرت العادة بمثله، وما كان لابد له من عرضه على السلطان واستطلاع رأيه فيه، سلمه إلى متولي ديوانه ليحضر به المجلس، ويستخرج فيه الأمر، أو يحضر الكاتب نفسه فيقرأ المهمات منها، ويستأذن عليها، ويوقع بما يؤمر فيها، فقد تحدث فيها الرقعة المهمة التي تنتفع الدولة بها، ويستضر بتأخير النظر فيها، ويفهم من على هذه الرقاع من جور