عن مجرى العادة، وفارق السّنّة والسجيّة، كما قال الأول: «تذكر» .
وقيل: «الكامل من عدّت سقطاته» ، وقيل: «من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان يومه خيرا من غده فهو مفتون، ومن كان غده خيرا من يومه فذلك السعيد المغبوط» . وفي هذا المعنى قال الشاعر:
رأيتك أمس خير بنى معدّ ... وأنت اليوم خير منك أمس
وأنت غدا تزيد الضعف خيرا ... كذلك تزيد سادة عبد شمس
وقال آخر في معن:
أنت امرؤ همّك المعالي ... ودلو معروفك الربيع
أنت امرؤ من وائل صميم ... كالقلب تحنى له الضلوع
في كلّ عام تزيد خيرا ... يشيعه عنك من يشيع
والامران اللذان نقمتهما عليك: وضع القول في غير موضعه، وإضاعة السّرّ بإذاعته.
وليس الخطر فيما أسومك وأحاول حملك عليه بسهل ولا يسير. وكيف وأنا لا أعرف في دهري- على كثير عدد أهله- رجلا واحدا ممن ينتحل الخاصّة، وينسب إلى العلية، ويطلب الرياسة ويخطب السّيادة، ويتحلّى بالأدب ويديم الثّخانة والزّماتة، والحلم والفخامة، أرضى ضبطه للسانه، وأحمد حياطته لسرّه. وذلك أنّه لا شيء أصعب من مكابدة الطبائع، ومغالبة الأهواء، فإن الدّولة لم تزل للهوى على الرأي طول الدهر. والهوى هو الدّاعية الى إذاعة السر، وإطلاق اللسان بفضل القول.
وإنّما سمّى العقل عقلا وحجرا، قال تعالى- هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي