على القصار، ولم نسمع أحدا ذم المربوع ولا أزرى عليه ولا وقف عنده ولا شك فيه، ومن يذمه إلا من ذم الاعتدال، ومن يزري عليه إلا من أزرى على الاقتصاد، ومن ينصب للصواب الظاهر إلا المعاند، ومن يماري في العيان إلا الجاهل! بل من يزري على أحد بتفاقم التركيب وبسوء التنضيد مع قول الله جل ثناؤه «ما ترى في خلق الرّحمن من تفاوت» .

وبعد، فأي قدّ أردى وأي نظام أفسد من عرض مجاوز للقدر وطول مجاوز للقصد؟ ومتى لم يضرب العرض بسهمه على قدر حقه ويأخذ الطول من نصيبه على مثل وزنه خرج الجسد من التقدير وجاوز التعديل. وإذا خرج من التقدير تفاسد، وإذا جاوز التعديل تباين! ولئن جاز هذا الوصف وحسن هذا النعت كان لقاسم التّمّار من الفضيلة ما ليس لأحمد بن عبد الوهاب.

وهذا كله بعد أن يصدقوك على ما ادعيت لطولك في الحقيقة واحتججت لعرضك في الحكومة. على أنك باعتلالك لما ينفيه العيان واستشهادك لما تنكره الأذهان متعرض للصدق من المتكرم ومتحكك بالحكم من المتغافل! وأي صامت لا ينطقه هذا المذهب، وأي ناطق لا يغريه هذا القول! وإذا كان هذا ناقضا لعزم المتسلم فما ظنك بعادة المتكلف! فأنشدك الله أن تغري بك السفهاء أو تنقض عزائم الحلماء! وما أدري حفظك الله في أي الأمرين أنت أعظم إثما، وفي أيهما أنت أفحش ظلما، أبتعرضك للعوام، أم بافسادك حكم الخواص.

وبعد، فما يحوجك إلى هذا وما يدعوك إليه، وأشباهك من القصار كثير، ومن ينصرك منهم غير قليل. وقد رأيتك زمانا تحتج بالنعمان بن المنذر، وبضمرة بن ضمرة، وبمجّاعة بن مرارة وبمجّاعة بن سعر، وبأوفى بن زرارة، وبعبد الله بن الجارود، وبعلباء بن الهيثم، وبسعيد بن قيس، وبأبي اليسر كعب بن عمرو، وبحسكة بن عتّاب، وبمخارق بن غفار، وبعمران بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015