فلما رأى صديقي اقتفائي آثار الكتّاب، باستهانتي للحساد عند اعتلاقي حبائلك أعزّك الله، أنشأ متمثّلا بقول نصر بن سيّار:

إنّي نشأت وحسّادي ذوو عدد ... يا ذا المعارج لا تنقص لهم أحدا

إن يحسدوني على ما قد بنيت لهم ... فمثل حسن بلائي جرّ لي الحسدا

وليس العجب أن يكثروا وأنا أنعق بمحاسنك، وأهتف بشكرك، ولكن العجب كيف لا تتفتّت أكبادهم كمدا.

وكان بعضهم يقول: اللهمّ كثّر حسّاد ولدي؛ فإنّهم لا يكثرون إلّا بكثرة النّعمة.

فإن كان والدي سبق منه هذا الدّعاء، فإنّ الإجابة كانت مخبوءة إلى زمان عزّك؛ فقد رأينا تباشيرها، وبدت لنا عند عنايتك غايتها.

وكان بعض الصالحين يقول: اللهم اجعل ولدي محسودين، ولا تجعلهم مرحومين؛ فإنّ يوم المحسود يوم عزّة، ويوم الحاسد يوم ذلّة.

ويقال: إنّه لمّا مات الحجّاج سمعوا جارية خلف جنازته وهي تقول:

اليوم يرحمنا من كان يحسدنا ... واليوم نتبع من كانوا لنا تبعا

ويقال: إنّ زياد ابن أبيه قال لحرقة ابنة النعمان: أخبريني بحالكم.

قالت: إن شئت أجملت وإن شئت فسّرت. فقال لها: أجملي، فقالت: «بتنا نحسد، وأصبحنا نرحم» . فخطبها زياد وكانت في دير لها فكشفت عن رأسها، فإذا رأس محلوق، فقالت: أرأس عروس كما ترى يا زياد؟ وأعطاها دنانير فأخذتها وقالت: جزتك يد افتقرت بعد غنى، ولا جزتك يد استغنت بعد فقر! ولا نعلم الحسد جاء فيه شيء أكثر من حديث روى عن النبي صلى الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015