فانتهى قوله إلى ابن شبرمة فقال: «لله درّ عروة، هذه أنفس العرب!» .

فهؤلاء رأوا كشف المعاداة ولم يروا التأنّي.

ومنهم من رأى المعاداة بعد الفرار منها والإعذار فيها، فإن هي أبت إلا المقارنة قارنوها بمثلها.

قال شبيب بن شيبة: إذا رأيت الشرّ قد أقبل إليك فتطامن له حتّى يتخطّاك، ولا تهجه ولا تبحث عنه؛ فإن أبى إلّا أن يبرك عليك فكن من الأرض نارا ساطعة تتلظّى. وأنشد:

إذا عاداك محتنك لبيب ... فعاد النّوم واحترس البياتا

ولا تثر الرّبوض وخلّ عنها ... وإن ثارت فكن شبحا مواتا

تجزك إلى سواك ونحّ عنها ... فخير الشرّ أسرعه فواتا

وإن مالت عليك وخفت منها ... فواجهها مجاهرة صلاتا

ومنهم من أمر بقبول الإنصاف وترك المحاسبة. قال عبيد الله بن عبد الله ابن [عتبة بن] مسعود: إنّ الملامات والمذمّات كلّها قبيحة، وأقبح الملامة والمذمّة ما كانتا في ترك نصفة أو شدّة منافسة في تعداد الذّنوب. وأنشد:

منافسة العدوّ أو الصديق ... تجرّ إلى المذمّة والملامه

إذا أعطاك نصفا ذو وداد ... وبعض النّصف فانتهز السّلامة

ومنهم من قال: لا ترض من عدوّك إلّا بالظّلم، ولا تقبل إنصافه ونافسه في ذلك. قال العباس بن عبد المطلب:

أبا طالب لا تقبل النّصف منهم ... ولو أنصفوا حتى تعقّ وتظلما

ومنهم من أمر بمعونة الدهر على العدّوّ إذا حمل عليه. قال: حدثني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015