إبراهيم بن شعبة المخزومي قال: سمعت من حكى لي عن مصعب بن الزبير قال: إذا رأيت يد الدهر قد لطمت عدوّك فبادره برجلك، فإن سلم من الدّهر لم يسلم منك. وأنشد:
إذا برك الزّمان على عدوّ ... بنكبته أعنت له الزّمانا
قال العتّابي: قلت لطوق بن مالك: إنّ من شرط الدهر ومن صناعة الزمان السّلب، فإذا حملت الأيام على عدوّك ثقلا وأمتك منه فزده ثقلا إلى ثقله. قال: فقال لي طوق: من لم ينتهز من عدوّه انتهز منه، وحالت الأيام التي كانت بيضا عليه سودا. وأنشد:
لله درّك ما ظننت بثائر ... حرّان ليس على التّراب براقد
أحقدته ثم اضطجعت ولم ينم ... أسفا عليك وكيف نوم الحاقد
إن تمكن الأيام منك، وعلّها، ... يوما نوفّك بالصّواع الزائد
ولئن سلمت لأتركنّك عارضا ... بعدي لكل مسالم ومعاند
ومنهم من كان يرى جبر كسر العدوّ وإقالة عثرته، ونصرته عند وثوب الدّهر عليه.
قال: حدثني ابن عبد الحميد قال ابن شبرمة: كانت الحرب يوم صفّين بين العرب محضة لا شوب فيها، فكانت محاربتهم كداما واعتناقا، وكانوا إدا مرّوا برجل جريح كانوا يقولون: خذله قومه فانصروه، وألقاه دهره بمضيعة فردّوه إلى أهله.
وقال ابن شبرمة: ما زلنا نسمع أنّ المصيبات تنزع السجيّات.
قال: وأنشدني بعض أهل العلم في هذا المعنى:
فلو بي بدأتم قبل من قد دعوتم ... لفرّجتها وحدي ولو بلغت جهدي