مسّا تراب الأرض، منه خلقتما ... وفيها المعاد والمصير إلى الحشر
ولا تعجبا أن تؤتيا وتعظّما ... فما حشي الإنسان شرّا من الكبر
فلو شئت أدلى فيكما غير واحد ... علانية أو قال ذلك في سرّ
فإن أنا لم آمر ولم أنه عنكما ... ضحكت له حتّى يلجّ فيستشري
ومن هذا سرق العتابيّ المعنى حيث يقول:
إن كنت لا تحذر شتمي لما ... تعرف من صفحي عن الجاهل
فاخش سكوتي سامعا ضاحكا ... فيك لمشنوع من القائل
مقالة السّوء إلى أهلها ... أسرع من منحدر سائل
ومن دعا الناس إلى ذمّه ... ذمّوه بالحق وبالباطل
وسئل القاسم بن معن عن ابن أبي ليلى، فقلّب كفّيه وقال:
من الناس من يخفى أبوه وجدّه ... وجدّ أبي ليلى كالبدر ظاهر
فلم تثبت عليه به حجة في ذمّ له ولا مدح. وقد بلغ ما أراد.
وسئل يوما عن علمه فقال: أوعوه وطبا، فإن كان محضا أو مشوبا أظهره الوطب وما خضوه.
فإن قدح- جعلني الله فداك- بالحسد قادح فيما أؤلفه من كتابي لك، وسبق إلى وهمك شكّ فيه، أعلمتني النّكتة التي قدح فيها، ثم قابله بجوابي، فإني أرجو ألّا تحتاج إلى حاكم عند تجاثي القولين بين يديك، لعلوّ الحقّ على الباطل، ودموغه إيّاه.
والحسد أذلّ نفسا من أن يجاثي أحدا، والعداوة إنّما قدّمت عليه لأنها عزيزة منيعة.