يرعى حقّا، ولا يرجع إلى صحّة ولا إلى حقيقة.
ثم أنت لا يشفيك منّي السمّ المجهز، ولا السمّ الساري؛ فإنه أبعد غاية في التطويل وأبلغ في التعذيب. لا ولا لعاب الأفاعي وداهية الدّواهي، فإنّه يعجز الرّقى ويفوت ذرع الأطبّاء. لا ولا نار الدّنيا، بل لا يشفيك من نار الآخرة إلّا الجحيم، ولا يشفيك من الجحيم الا أن أرى في سوائه وفي أصطمّة ناره، وفي معظم حريقه، وفي موضع الصّميم من لهيبه. بل لا تكتفي بذلك دون الدّرك الأسفل، بل لا يرضيك شيء سوى الهاوية، بل لا ترضى إلّا بعذاب آل فرعون، أشدّ العذاب، بل لا يرضيك إلّا عذاب إبليس الذي زيّن الختر للعباد، وبثّه في البلاد، والذي خطّأ الربّ وعانده وردّ قوله، وغيّر عليه تدبيره، ولم يزده إلّا شكّا ولجاجة، وتماديا وإصرارا. ثم لم يرض من الجدّ في مخالفة أمره، وخلع العذار في شدّة الخلاف عليه إلّا بأن يحلف على شدّة اجتهاده في ذلك بعزّته، فجعل العزّة المانعة من إسخاطه سبيلا إلى إسخاطه، والقسم الحاجز دون إغضابه وسيلة إلى إغضابه، حيث قال:
فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ.
فعليك عافاك الله بإبليس إن كنت لله تغضب، أو عليك بالأكفاء إن كنت لنفسك تتشفّى.
لا ولكنّك استغمرتني واستضعفتني، وجعلتني فرّوج الرفّاء، وتريد أن تتعلّم فيّ معاقبة الأعداء. فإن كنت إلى هذا تذهب فجعفر بن معروف أضعف مني، وعبد الله بن عيسى أسوأ خبرا منّي.
سبحان الله، يسلم عليك حيدر الأفشين، ويهلك عليك عمرو الجاحظ، ويسعد بك أبعد البعداء ويشقى بك أقرب القرباء. وتتغافل عن مثل