جمعه، وعسر نظمه، وامتنع تأليفه، وربّما ضاع أكثره. والدّفّتان أجمع، وضمّ الجلود إليها أصون، والحزم لها أصلح. وينبغي للأشكال أن تنظم وللأشباه أن تؤلّف؛ فإنّ التأليف يزيد الأجزاء الحسنة حسنا، والاجتماع يحدث للمتساوي في الضعف قوة، فإذا فعلت ذلك صرت متى وجدت بعضها فقد وجدت كلّها، ومتى رأيت أدناها فقد رأيت أقصاها؛ فإن نشطت لقراءة جميعها مضيت فيها.

وإذا كانت منظومة، ومعروفة المواضع معلومة، لم تحتج إلى تقليب القماطر على كثرتها، ولا تفتيش الصناديق مع تفاوت مواضعها، وخفّت عليك مؤونتها وقلت فكرتك فيها، وصرفت تلك العناية إلى بعض أمرك، وادّخرت تلك القوّة لنوائب غدك.

وعلى أن ذلك أدلّ على حبّك للعلم، واصطناعك للكتب، وعلى حسن السياسة، والتقدم في إحكام الصناعة.

وقلت: لأمر ما جمعوا أسباع القرآن وسوره في مصحف، ولم يدعوا ما فيه مفرّقا في الصّدور، ولا مبدّدا في الدفاتر، ومفرّقا في القماطر. على ذلك أجمع المسلمون، والسابقون الأولون، والأئمة الرشيدة، والجماعة المحمودة، فتوارثه خلف عن سلف، وتابع عن سابق، وصغير عن كبير، وحديث عن قديم.

ولم أشكّ في أنها نصيحة حازم، ومشورة وامق، أو رأي حضر أو حكمة نبغت، أو صدر جاش فلم يملك، أو علم فاض فلم يردّ، استعمله من استعمله، وتركه من تركه.

فلما أخذت بقولك، وصرت إلى مشورتك وأكثرت حمد الله على إفادتك من العلم وحظّ عنايتك من النّقل، وجمعت البعض إلى البعض،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015