حقّه والدالّة عليه دون غيره، كالحزم والعلم، والحلم والرّفق، والأناة والمداراة، والقصد والعدل والاهتبال، وكاليأس والأمل، وكالخرق والعجلة، والمداهنة والتسرّع، والغلوّ والتقصير.
وربّت كلمة تدور مع خلّتها، وتتقلّب مع جاراتها، وإزاء صاحبتها، وعلى قدر ما تقابل من الحالات، وتلاقي من الأسباب، كالحبّ والبغض، والغضب والرّضا، والعزم والإرادة، والإقبال والإدبار، والجدّ والفتور؛ لأن هذا الباب الأخير يكون في الخير والشرّ، ويكون محمودا ويكون مذموما.
وصاحب العجلة- أعزّك الله- صاحب تغرير ومخاطرة، إن ظفر لم يحمده عالم، وإن لم يظفر قطعته الملاوم. والرّيث أخو المعجزة، ومقرون بالحسرة، وعلى مدرجة اللائمة. وصاحب الأناة إن ظفر نفع غيره بالغنم، ونفع نفسه بثمرة العلم، وأطاب ذكره دوام شكره، وحفظ فيه ولده. وإن حرم فمبسوط عذره، ومصوّب رأيه مع انتفاعه بعلمه وما يجد من عزّ حزمه ونبل صوابه، ومع علمه بالذي له عند العقلاء، وبعذره عند الأولياء والأعداء.
وما عندي لك إلّا ما قال الدّهقان لأسد بن عبد الله وهو على خراسان، حين مرّ به وهو يدهق في حبسه:
إن كنت تعطي من ترحم فارحم من تظلم. إنّ السموات تنفرج لدعوة المظلوم، فاحذر من ليس له ناصر إلّا الله، ولا جنّة إلا الثّقة بنزول الغير، ولا سلاح إلّا الابتهال إلى مولى لا يعجزه شيء.
يا أسد، إنّ البغي يصرع أهله، وإنّ الظّلم مرتعه وخيم، فلا تغترّ بإبطاء العقاب من ناصر متى شاء أن يغيث أغاث. وقد أملى لقوم كي يزدادوا إثما. وجميع أهل السّعادة إمّا سالم من ذنب، وإما تارك لإصرار. ومن رغب عن التمادي فقد نال أحد الغنمين، ومن خرج من السعادة فلا غاية له إلا دار