[2- الكلام اداة التعبير عن الحاجات]

إنّي وجدت فضيلة الكلام باهرة، ومنقبة المنطق ظاهرة، في خلال كثيرة، وخصال معروفة.

منها: أنّك لا تؤدّي شكر الله ولا تقدر على إظهاره إلّا بالكلام.

ومنها: أنّك لا تستطيع العبارة عن حاجاتك والإبانة عن مأربك إلّا باللّسان. وهذان في العاجل والآجل مع أشياء كثيرة لو ينحوها الإنسان لوجدها في المعقول موجودة، وفي المحصول معلومة وعند الحقائق مشتهرة، وفي التّدبير ظاهرة.

[3- الكلام يميز الانسان عن الحيوانات والجمادات]

ولم أجد للصّمت فضلا على الكلام ممّا يحتمله القياس، لأنّك تصف الصمت [بالكلام، ولا تصف الكلام به. ولو كان الصّمت] أفضل والسّكوت أمثل لما عزف للآدميّين فضل على غيرهم، ولا فرق بينهم وبين شيء من أنواع الحيوان وأخياف الخلق في أصناف جواهرها واختلاف طبائعها، وافتراق حالاتها وأجناس أبدانها في أعيانها وألوانها. بل لم يمكن أن يميّز بينهم وبين الأصنام المنصوبة والأوثان المنحوتة، وكان كلّ قائم وقاعد، ومتحرّك وساكن، ومنصوب وثابت، في شرع سواء ومنزلة واحدة، وقسمة مشاكلة؛ إذ كانوا في معنى الصّمت بالجثّة واحدا، وفي معنى الكلام بالمنطق متباينا.

ولذلك صارت الأشياء مختلفة في المعاني، مؤتلفة الأشكال، إذ كانت في أشكال خلقتها متّفقة بتركيب جواهرها، وتأليف أجزائها، وكمال أبدانها، وفي معنى الكمال متباينة عند مفهوم نغماتها، ومنظوم ألفاظها، وبيان معالمها وعدل شواهدها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015