فيه من نقص أو فضل، باتّساع الفهم، وصحة العلم؛ وأنّك متى رأيت زللا غفرته وقوّمت صاحبه، ولم تقرّعه به، ولم تخرمه له. ومتى رأيت صوابا أعلنته ورعيته، فدعوت إليه وأثبت عليه. ولأنّي حين أمنت عقاب الإساءة، [و] وثقت بثواب الإحسان، كان ذلك موجبا لوضعه، ولم أستكره نفسي عليه، وصار ذلك موجبا لنظمه وموحيا للتقرّب به. والسّبب أحقّ بالتّفضيل من المسبّب؛ لأنّ الفعل محمول على سببه، ومضاف إليه، وعيال عليه، ومضمّن به.
وإحساني- مدّ الله في عمرك- في كتابي هذا إن كنت محسا، صغير في جنب إحسانك، إذ كنت المثير له من مراقبه، والباعث له من مراقده.
فلذلك صار أوفر النصيبين لك، وأمتن السببين مضافا إليك. وإن كنت قد قصّرت عن الغاية، فأنا المضيّع دونك. وإن كنت قد بلغتها ففضلك أظهر وحظّك أوفر. لأنّي لم أنشط له إلّا بك، ولا اعتمدت فيه إلّا عليك.
ولولا سوقك التي لا ينفق فيها إلّا إقامة السنّة، وإماتة البدعة، ودفع الظّلامة، والنظر في صلاح الأمّة- لكانت هذه السّلعة باثرة، وهذا الجلب مدفوعا، وهذا العلق خسيسا.
فالحمد لله الذي عمر الدّنيا بك، وأخذ لمظلومها على يديك، وأيّد هذا الملك بيمنك، وصدّق فراسة الإمام فيك.
وأيّة منزلة أرفع وأيّة حالة أحمد ممّن ليس على ظهرها عالم إلّا وهو يحنّ إليه، أو قد رحل إليه، أو قد صار إلى كنفه وتحت جناحه. وليس على ظهرها ظالم إلّا وهو يتّقيه، ولا مظلوم إلّا وهو يستعديه.
ومن يقف على قدر ثواب من هذا قدره، وهذه حاله؟!