عليهم.
وقد يكون الرجل يحسن الصّنف والصنفين من العلم، فيظنّ بنفسه عند ذلك أنّه لا يحمل عقله على شيء إلّا نفذ به فيه، كالذي اعترى الخليل بن أحمد بعد إحسانه في النحو والعروض، أن ادّعى العلم بالكلام وبأوزان الأغاني، فخرج من الجهل إلى مقدار لا يبلغه أحد إلّا بخذلان الله تعالى.
فلا حرمنا الله تعالى عصمته، ولا ابتلانا بخذلانه.
فصل منه: وهذان الشاعران جاهليّان، بعيدان من التوليد، وبنجوة من التكليف.
فصل منه: ومن خصال العبادة وإن كانت كلّها راجحة فليس فيها شيء أردّ في عاجل، ولا أفضل في آجل من حسن الظنّ بالله تعالى وعزّ.
ثم اعلم أنّ أعقل النّاس السّلطان ومن احتاج إلى معاملته، وعلى قدر الحاجة إليه ينفتح له باب الحيلة، والاهتداء إلى مواضع الحجة. وما أقرب فضل الرّاعي على الرعية من فضل السّائس على الدابّة. ولولا السّلطان لأكل النّاس بعضهم بعضا، كما أنّه لولا المسيم لوثب السّباع على السّوام.
ودعني من تدريسه كتب أبي حنيفة، ودعني من قولهم: اصرفه إلى الصّيارفة؛ فإنّ صناعة الصّرف تجمع مع الكتاب والحساب المعرفة بأصناف الأموال، ولا تجد بدّا من حلّة السّلطان.
ودعني من قول من يقول: قد كانت قريش تجّارا؛ فإن هذا باب لا ينقاس ولا يطّرد. ومن قاس تجّار الكرخ وباعته، وتجّار الأهواز والبصرة، على تجّار قريش، فقد أخطأ مواضع القياس، وجهل أقدار العلل.