الغافل والغافل، والأحمق والأحمق، والغبيّ والغبيّ، والمرأة والمرأة. قال الله تبارك وتعالى: وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا
. لأنّ الناس عن النّاس أفهم، وإليهم أسكن. فممّا أعان الله تعالى به الصّبيان، أن قرّب طبائعهم ومقادير عقولهم من مقادير عقول المعلّمين.
وسمع الحجّاج- وهو يسير- كلام امرأة من دار قوم، فيه تخليط وهذيان، فقال: مجنونة، أو ترقّص صبيا! ألا ترى أنّ أبلغ الناس لسانا، وأجودهم بيانا وأدقّهم فطنة، وأبعدهم رويّة، لو ناطق طفلا أو ناغى صبيّا، لتوخّى حكاية مقادير عقول الصّبيان، والشّبه لمخارج كلامهم، وكان لا يجد بدّا من أن ينصرف عن كلّ ما فضّله الله به بالمعرفة الشريفة، والألفاظ الكريمة. وكذلك تكون المشاكلة بين المتّفقين في الصناعات.
فصل منه: وأمّا النّحو فلا تشغل قلبه منه إلّا بقدر ما يؤدّيه إلى السلامة من فاحش اللّحن، ومن مقدار جهل العوامّ في كتاب إن كتبه، وشعر إن أنشده، وشيء إن وصفه. وما زاد على ذلك فهو مشغلة عمّا هو أولى به، ومذهل عمّا هو أردّ عليه منه من رواية المثل والشاهد، والخبر الصادق، والتعبير البارع.
وإنّما يرغب في بلوغ غايته ومجاوزة الاقتصار فيه، من لا يحتاج الى تعرّف جسيمات الأمور، والاستنباط لغوامض التدبّر، ولمصالح العباد والبلاد، والعلم بالأركان والقطب الذي تدور عليه الرّحى؛ ومن ليس له حظّ غيره، ولا معاش سواه.
وعويص النحو لا يجري في المعاملات ولا يضطرّ إليه شيء. فمن