العقاب. وموضع الطاعة من طبقات الرّضا، كموضع تركها من طبقات السّخط إذ كانت الطّاعة واجبة، والتّرك معصية.
والكبر من أسباب القسوة. ولو كان الكبر لا يعترى إلّا الشّريف والجميل، أو الجواد، أو الوفيّ أو الصّدوق، كان أهون لأمره، وأقلّ لشينه، وكان يعرض لأهل الخير، وكان لا يغلط فيه إلّا أهل الفضل، ولكنّا نجده في السّفلة، كما نجده في العلية ونجده في القبيح كما نجده في الحسن، وفي الدّميم كما نجده في الجميل، وفي الدّنّي الناقص، كما نجده في الوفيّ الكامل، وفي الجبان كما نجده في الشّجاع، وفي الكذوب كما نجده في الصّدوق، وفي العبد كما نجده في الحر، وفي الذّمّيّ ذي الجزية والصّغار والذّلّة، كما نجده في قابض جزيته والمسلّط على إذلاله.
ولو كان في الكبر خير لما كان في دهر الجاهليّة أظهر منه في دهر الإسلام، ولما كان في العبد أفشى منه في الحر، ولما كان في السّنّد أعمّ منه في الرّوم والفرس.
وليس الذي كان فيه آل ساسان وأنوشروان وجميع ولد أزدشير بن بابك كان من الكبر في شيء. تلك سياسة للعوامّ، وتفخيم لأمر السّلطان، وتسديد للملك.
ولم يكن في الخلفاء أشدّ نخوة من الوليد بن عبد الملك، وكان أجهلهم وألحنهم. وما كان في ولاة العراق أعظم كبرا من يوسف ابن عمر، وما كان أشجعهم ولا أبصرهم، ولا أتمّهم قواما، ولا أحسنهم كلاما.
ولم يدّع الرّبوبيّة ملك قطّ إلّا فرعون، ولم يك مقدّما في مركّبه، ولا في شرف حسبه، ولا في نبل منظره، وكمال خلقه، ولا في سعة سلطانه