779 هـ كما ذكر ذلك في آخر المقدمة أي قبل عشرين سنة من انتهاء القرن الثامن وهذا يوضح عدم استقامة ما ذكره الشيخ ابن محمود من أنه في القرن التاسع لما كثر المدعون للمهدي وثارت الفتن بسببه اضطر بعض المحققين من العلماء بأن ينقدوا أحاديث المهدي ليعرفوا قويها من ضعيفها وصحيحها من سقيمها فتصدى ابن خلدون في مقدمته لتدقيق التحقيق فيها إلخ.
36- وقال الشيخ ابن محمود في ص 23 تحت عنوان المقارنة بين أقوال العلماء المتقدمين والمتأخرين: "إننا متى قابلنا بين العلماء المتقدمين والمتأخرين نجد الفرق واسعا فلا مداناة فضلا عن المساواة إذ العلماء المتقدمون قد جمعوا بين العلم والعمل فهم أحق وأتقى وأقرب للتقوى، ولكن العلماء المتقدمين يغلب عليهم حسن الظن بمن يحدثهم ويستبعدون تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من مؤمن بالله ولهذا أكثروا من أحاديث المهدي المتنوعة والمتضاربة والمختلفة حتى بلغت خمسين حديثا في قول الشوكاني كما نقلها عنه السفاريني في لوائح الأنوار وأورد ابن كثير في نهايته الكثير منها وفي كتب الشيعة أنها بلغت ألفا ومائتي حديث، والسبب أن من عادة علماء السنة المتقدمين (عمل) ؟ التساهل فيما يرد من أحاديث أشراط الساعة، كأحاديث المهدي والدجال ويأجوج ومأجوج وما كان من قبيل ذلك فلا يتكلمون في نقدها ولا إخضاعها للتصحيح ولا للتمحيص لعلمهم أنها أخبار آخرة متأخرة بخلاف أحاديث الأحكام وأمور الحلال والحرام وما يحتاجه الناس في عبادتهم ربهم والتعامل فيما بينهم في أمور دنياهم فقد بالغوا في تحقيقها بمعرفة رواتها وما يجوز فيها فهم بعلم صحيح نطقوا وببصر ناقد كفوا".
وتعليقي على هذا الكلام ما يلي:
أولا: ما ذكره عن العلماء المتقدمين من أنهم جمعوا بين العلم والعمل وأنهم أحق وأتقى وأقرب للتقوى وأن المتأخرين لا يدانونهم فضلا عن أن يساووهم هو كلام حق لكن الشيخ ابن محمود عقبه بما يكدر صفوه وهو لمزه للعلماء المتقدمين بالتغفيل إذ وصفهم بأنه "يغلب عليهم حسن الظن بمن يحدثهم ويستبعدون تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من مؤمن بالله وأنهم لذلك أكثروا من أحاديث المهدي المتنوعة والمتضاربة والمختلفة". والواجب إحسان الظن بسلف هذه الأمة والثناء عليهم بما هم أهله دون تعرض لهم بلمز أو حط من شأنهم.
ثانيا: علل الشيخ ابن محمود لإكثار العلماء المتقدمين من أحاديث المهدي المتنوعة والمتضاربة والمختلفة على حد قوله بتعليلين أحدهما ما وصفهم به من أنهم يغلب عليهم حسن الظن بمن يحدثهم وأنهم يستبعدون تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من مؤمن بالله. والثاني أن من عادتهم التساهل فيما يرد من أحاديث أشراط الساعة كأحاديث المهدي والدجال ويأجوج ومأجوج وأن ما كان من هذا القبيل لا يتكلفون في نقدها ولا إخضاعها للتصحيح ولا للتمحيص لعلمهم أنها أخبار آخرة متأخرة، وقد أجبت عما تضمنه التعليل الأخير من أن العلماء لا يتكلفون في نقد الأخبار المتعلقة بأشراط الساعة ولا إخضاعها للتصحيح ولا للتمحيص وذلك في رقم 35 إذ نقلت على سبيل التمثيل كلام جماعة من العلماء النقاد في تصحيح بعض الأحاديث الواردة في المهدي.