البشرية تفر من رؤية الأشياء المهيبة غالبًا، ولهذا قال: {لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا}، ودل على أن الخبر ليس كالمعاينة كما جاء في الحديث؛ لأن الخبر قد حصل ولم يحصل الفرار ولا الرعب انتهى. وهو كلام حسن جدًا، وفيه رد على ما ألصقه الكاتب بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من الرعب من أهل الكهف، وأن صورة الرعب منهم قد بقيت في ذهنه - صلى الله عليه وسلم -.
الوجه الرابع: أن يقال: إن الكاتب قد أخطأ خطأ كبيرًا في زعمه أن الله تعالى قال لنبيه حينما بعث أهل الكهف: {لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا}، وهذا من القول في القرآن بغير العلم، وقد ورد الوعيد الشديد على ذلك كما تقدم في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وفي أول الآية التي ذكر الكاتب آخرها ما يكفي في الرد عليه، فإن الله تعالى قال: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا}، فدلت الآية الكريمة على أن أصحاب الكهف إنما ألبسوا الهيبة في حال رقدتهم؛ لئلا يدنو منهم أحد، وأنه لو اطلع عليهم أحد في