ولكنه يعارض ما توهمه الكاتب من توسطهم في الطول.
الوجه الثالث: أن يقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ير أهل الكهف لا في حال رقدتهم، ولا حينما بعثهم الله من رقدتهم؛ لأنهم كانوا قبل زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - بدهر طويل. وإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرهم فمن أكبر الخطأ وأقبح ظنون السوء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ما ألصقه به صاحب المقال السيئ، حيث زعم أنه - صلى الله عليه وسلم - أصيب بالرعب من أهل الكهف، وأن صورة الرعب منهم قد بقيت في ذهنه فكان كلما رأى من هو كثّ اللحية تذكر شكل أهل الكهف، ولم يستطع صبرًا على ذلك، ولا يخفى ما في هذا القول الوخيم من الجراءة العظيمة على سيد البشر وصفوتهم. والله المسئول أن يقيض للكاتب الجاهل ولأمثاله الذين لا يحترمون النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يوقرونه، من ينفذ فيهم الحكم الشرعي الذي يجب اتباعه في كل من تنقص النبي - صلى الله عليه وسلم - أو عابه، وقد قال ابن كثير في «البداية والنهاية» في الكلام على قول الله تعالى مخبرًا عن أهل الكهف: {لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا} أي لما عليهم من المهابة والجلالة في أمرهم الذي صاروا إليه، ولعل الخطاب ههنا لجنس الإنسان المخاطب لا بخصوصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - كقوله: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ} أي أيها الإنسان، وذلك لأن طبيعة