المحرمة فقال المجيب هي المسكر كان هذا عندهم تصورا واحدا وهو تصور مسمى الخمر وهذا في الحقيقة تصديق مركب من موضوع ومحمول وإذا قال كل مسكر خمر وكل خمر حرام كان هذا قياسا وهو يفيد التصديق الذي هو المسكر حرام ويفيد أن المسكر داخل في مسمى الخمر وإن أريد بيان الحد المطرد المنعكس قيل المسكر هو الخمر وكل خمر حرام فيفيد هذا القياس تصور معنى الخمر.
وسبب ذلك أن كل ما يتكلم به في الحد والقياس هو قضية تامة وهي الجملة في اصطلاح النحاة والجواب في السؤال عن التصور وعن التصديق هو بقضية تامة هي جملة خبرية فكلاهما قول مركب في السؤال والجواب وكلاهما فيه إثبات صفة لموصوف كإثبات الخمرية للمسكر وهو إثبات محمول لموضوع والإنسان هو في الموضعين قد تصور أن المسكر هو الخمر وصدق بأن المسكر هو الخمر فأما التصور المفرد الذي لا يعبر عنه إلا ب اسم مفرد فذلك لا يسأل عنه باللفظ المفرد ولا يجاب عنه باللفظ المفرد حتى يفصل نوع تفصيل يصلح لمثله لأن يكون جملة.
وهذا قد بسط في غير هذا الموضع كما بسط في الكلام على المحصل وغيره وبين أن قولهم العلم ينقسم إلى تصور وتصديق وأن التصور وهو التصور الساذج العرى عن جميع القيود الثبوتية والسلبية كلام باطل فان كل ما عرى عن كل قيد ثبوتي وسلبي يكون خاطرا من الخواطر ليس هو علما أصلا بشئ من الأشياء فان من خطر بقلبه شيء من الأشياء ولم يخطر بقلبه صفة لا ثبوتية ولا سلبية لم يكن قد علم شيئا.
وإذا قيل الإنسان حيوان والعالم مخلوق ونحو ذلك فهنا قد تصور إنسانا علم أنه موجود لم يتصور شيئا تصورا ساذجا لا نفى فيه ولا إثبات بل تصور وجوده وغير ذلك من صفاته وكذلك العالم قد تصور وجوده وإذا تصور بحر زئبق وجبل ياقوت فان لم يتصور مع هذا عدمه في الخارج