وإثبات العلم بالصانع والنبوات ليس موقوفا على شيء من الأقيسة بل يعلم بالآيات الدالة على شيء معين لا شركة فيه ويحصل بالعلم الضروري الذي لا يفتقر إلى نظر وما يحصل منها بالقياس الشمولي فهو بمنزلة ما يحصل بقياس التمثيل فهو أمر كلى لا يحصل به العلم بما يختص به الرب وما يختص به الرسول إلا بانضمام علم آخر إليه.
والعلم بصدق المخبر المعين وإن لم يكن نبيا يعلم بأسباب متعددة غير القياس ويعلم أيضا بقياس التمثيل كما يعلم بقياس الشمول فكيف العلم بصدق النبي الصادق صلى الله عليه وسلم وقد ذكرنا طرقا من الطرق التي يعلم بها صدق الأنبياء في غير هذا الموضع.
والناس يعلمون الأمور الموجودة وصفاتها وأحوالها من غير قياس شمولي فضلا عن أن يقال لا بد هنا من مقدمتين صغرى وكبرى فالصغرى هي المشتملة على الحد الأصغر والكبرى المشتملة على الحد الأكبر والحد الأوسط متكرر فيها خبر محمول في الصغرى ومبتدأ موضوع في الكبرى كقولك كل خمر حرام فيقال إذا علم أن كل خمر حرام فقد يعلم ابتداء مفردات الخمر وأنها شاملة لكل مسكر بل يظن أنها متناولة لبعض المسكر كعصير العنب التي المشتد ثم يعلم بعد ذلك شمولها لكل مسكر وهو إذا تجدد له هذا العلم فإنما يجدد له علمه بالعموم وعلمه بالعموم إنما يعود بتصوره التام لمسمى الخمر فانه كان قبل ذلك لم يتصورها تصورا جامعا بل تصورا غير جامع ولو حصل له هذا التصور الجامع لم يحتج إلى قياس فقد تبين أن القياس المفيد للتصديق يغنى عنه التصور التام للحد الأوسط.
كل تصور يمكن جعله تصديقا وبالعكس:
وهذا يؤول إلى أمر وهو أن كل ما يسمونه تصورا يمكن جعله تصديقا وما يسمونه تصديقا يمكن جعله تصورا فان القائل إذا قال ما الخمر