ولا امتناعه ولا شيء من الأشياء كان هذا خيالا من الخيالات ووسواسا من الوساوس ليس هذا من العلم في شيء فان تصور مع ذلك عدمه في الخارج كان قد تصور تصورا مقيدا بالعدم لم يكن تصوره خاليا من جميع القيود.
فان قلت: فما التصور القابل للتصديق المشروط فيه قيل هو التصور الخالي عن معرفة ذلك التصديق ليس هو الخالي عن جميع القيود السلبية والثبوتية فإذا كان يشك هل النبيذ حرام أم لا فقد تصور النبيذ وتصور الحرام وكل من التصورين متصور بقيود فهو يعلم أن النبيذ شراب وأنه موجود وأنه يشرب وأنه يسكر وغير ذلك من صفاته لكن لم يعلم أنه حرام فليس من شرط التصور المشروط في التصديق أن يكون ساذجا خاليا عن كل قيد ثبوتي وسلبي بل أن يكون خاليا عن التقييد بذلك التصديق.
وقول القائل التصديق مسبوق بالتصور مثل قوله القول مسبوق بالعلم فليس لأحد أن يتكلم بما لا يعلم كذلك لا يصدق ولا يكذب لما لا يتصوره وحينئذ فالتصور التام مستلزم للتصديق والتصور الناقص يحتاج معه إلى دليل يثبت له حكم.
وهذا يقرر ما عليه نظار المسلمين كما قررنا ذلك من قبل من أن التصورات المفردة لا تعلم بمجرد الحد وأن المطلوب بالحد هو تصديق يفتقر إلى ما تفتقر إليه التصديقات فكما ذكرنا هناك أن الذي يجعلونه حدا هو تصديق يفتقر إلى دليل فيقال هنا ما يجعلونه قياسا يعود في الحقيقة إلى الحد والتصور كما يعود هذا القياس إلى أن يعلم مسمى الخمر وإذا كان كذلك فإذا كانوا يقولون أن الحد لا يقام عليه دليل ولا يحتاج إلى قيام دليل فنقول العلم بمسمى الخمر لا يحتاج إلى قياس بل قد يعلم بما يعلم به سائر التصورات المفردة ومسميات جميع الأسماء من تفطن النفس لشمول ذلك المعنى لهذه الصورة وثبوته فيها.
وكلما تدبر العاقل هذا وعرفه معرفة جيدة تبين له أن الصواب ما عليه نظار المسلمين