فالشخص المعين إذا رأى دابة وظنها حاملا أن كان ممن لم يعلم أنها بغلة ولم يعلم أن البغال عقم أو يعلم الأمرين ونسيهها أو نسى أحدهما وجهل الآخر فانه يحتاج إلى العلم بمقدمتين وتذكر المنسي نوع من العلم يحتاج أن يعلم أنها بغلة ويعلم أن البغلات لا يحملن وإن كان يعلم أن البغلة لا تحمل لكن لم يعرف أنها بغلة احتاج إلى مقدمة واحدة فإذا قيل له هذه بغلة فإذا عرف أنها بغلة وفي نفسه معلوم أن البغلة لا تحمل علم أن هذه المعينة لا تحمل وإن كان يعلم أن هذه بغلة وقد علم قديما أن البغلة لا تحمل لكن عزب هذا العلم عن ذهنه في هذا الوقت ونسيه فهذا قد نسى علمه والنسيان من اضداد العلم فإذا ذكر بعلمه ذكره فإذا ذكر أن البغلة لا تحمل حصل له مقدمة واحدة.
والعلم يحصل بالعلم بالدليل لمن لم يكن عالما به قط ولمن يذكره بعد النسيان إذا كان قد علمه ثم نسيه ولهذا قال سبحانه: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ} فبين سبحانه أن آياته تبصرة وتذكرة فالتبصرة بعد العمى وهو الجهل والتذكرة بعد النسيان وهو ضد العلم.
وهؤلاء لما تقلدوا قول من يقول أنه لا بد من مقدمتين وبهما يحصل النتاج فرأى بعضهم أن المقدمتين معلومتان لهذا الظان أن هذه البغلة حامل مع عدم العلم قال فلا بد من التفطن فيقال له ما ذكرته من التفطن هو الذي يحتاج إليه هذا لا يحتاج إلى شيء من المقدمات غير هذه وهذا التفطن هو تذكر ما نسيه وهو مقدمة واحده.
ومن قال أن هذا هو إحدى المقدمتين فقد أصاب في ذلك لكن يقال له لا تحتاج إلا إلى هذه المقدمة فقط لا تحتاج إلى غيرها وهذا الظان متى حضر في