بعض الأفراد فيه أما لعزوب علمه بالعام أو لعزوب علمه بالخاص كما مثله المنطقيون ابن سينا وغيره فيمن ظن أن هذه الدابة تحمل فيقال له أما تعلم أن هذه بغلة فيقول نعم ويقال له أما تعلم أن البغلة لا تحمل فحينئذ يتفطن لأنها لم تحمل فهذا وان ذكر بشيء كان غافلا عنه لم يستفد بذلك علم ما لم يكن يعلمه فان لم يخطر بقلبه هذا لم يلزم من علمه بأنها بغلة أنها لا تحمل.

لكن هذا قد لا يحتاج إلا إلى مقدمة واحدة وهي التي يذكرها فانه أن كان يعلم أن هذه الدابة بغلة ونسى أن البغلة لا تحمل بحمل وهو قد جهل أو نسى أن هذه بغلة عرف بهذه وحدها.

وقد تنازع في هذا الموضع طائفتان ابن سينا ومن معه والرازي ومن معه وسبب نزاعهما الأصل الفاسد الذي أخذوه تقليدا لارسطو فقال ابن سينا: "لا بد مع المقدمتين من التفطن لاندراج الخاص تحت العام" ومثله بهذا فقال: "قد يكون الرجل يعلم أن هذه الدابة المعينة بغلة ويعلم أن البغلة لا تحمل لكن يذهل عن دخول هذا المعين تحت ذلك العام فإذا تفطن لذلك حصل النتاج وإلا فلا".

وقال الرازي: "وهذا يقتضى أنه لا بد من ثلاث مقدمات مقدمة بأن يعلم أن هذه بغلة ومقدمة أن البغلة لا تحمل ومقدمة أن هذا يتناول هذا واختار أنه لا يحتاج إلا إلى مقدمتين أن هذه بغلة وان البغلة لا تحمل وانه إذا كان غافلا عن هذه الكلية لم يكن عالما بها بالفعل فإذا صار عالما بها بالفعل بحيث تكون حاضرة في ذهنه امتنع مع ذلك أن لا يعلم أن هذه البغلة لا تحمل".

وفصل الخطاب أن المطلوب قد يحتاج إلى مقدمة والى اثنتين والى ثلاث والى اربع فأصل الاضطراب دعواهم أن النتائج النظرية تحتاج إلى مقدمتين وتكفى فيها مقدمتان فجعلوا لا بد في كل مطلوب نظري من مقدمتين وادعوا أنه يكفى في كل مطلوب نظري مقدمتان وكلا الأمرين باطل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015