عليها أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - , أي أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يحتفل بمولده ولم يأمر بالاحتفال به ولم يقر أحداً على الاحتفال به, بل إنه لم يكن يفعل في زمانه وزمان أصحابه رضي الله عنهم وإنما حدث الاحتفال به بعد زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنحو من ستمائة سنة, وفي الاحتفال بالمولد النبوي مشابهة تامة للنصارى فإنهم كانوا يحتفلون بمولد المسيح ويعظمونه, وما كان بهذه المثابة فهو داخل في عموم ما حذر منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمر برده حيث قال في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة» وقال في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: «أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة» وقال في حديث عائشة رضي الله عنها: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» وفي رواية «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» أي مردود.
وأما الطعام الذي يصنعه أهل الميت للناس فهو من المحدثات والأعمال التي ليس عليها أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - , وفيه مضاهاة لما شرعه الله تعالى على لسان رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - من عمل الولائم في النكاح, وفيه أيضاً مخالفة لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أهل الميت فإنه - صلى الله عليه وسلم - قد أمر أهله أن يصنعوا الطعام لأهل الميت ولم يأمر أهل الميت أن يصنعوا الطعام للناس. ففي صنعهم الطعام للناس مخالفة لهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي هو خير الهدي وأحسنه. وفيه أيضاً قلبٌ للمعقول, فإن المعقول أن يصنع الطعام لأهل الميت للتخفيف عنهم من حرّ المصيبة, وفيه أيضاً مشابهة أهل الجاهلية في سننهم وأفعالهم, وقد تقدم قول أبي البختري