وسعيد بن جبير أن الطعام على الميت من أمر الجاهلية. وهو أيضاً من النياحة كما نص على ذلك الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وذكره جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه عن الصحابة رضي الله عنهم. وما كان بهذه المثابة فهو داخل في عموم ما حذر منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمر برده.

الوجه الثاني: أن يقال إن الحكم في جميع الأمور مردود إلى الكتاب والسنة لا إلى آراء الناس واستحساناتهم ومقاييسهم وعاداتهم التي وجدوا عليها آباءهم وشيوخهم الذين ليسوا من ذوي البصائر في الدين. وقد تظافرت الأدلة من الكتاب والسنة على المنع من بدعتي المولد والمأتم من غير اشتراط أن يجري فيهما شيء حرام. وقد تقدم بيان ذلك في الكلام على البراهين التي تقدم ذكرها, وكل ما خالف الكتاب والسنة فهو مردود على قائله كائناً من كان.

الوجه الثالث: أن يقال إن الحكم على بدعتي المولد والمأتم بالمنع ليس مرتبطاً بما يجري فيهما من حرام كما قد زعم ذلك صاحب المقال الباطل, والدليل على هذا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حذر أمته من المحدثات على وجه العموم وأمر بردها من غير تفصيل بين ما يجري فيه شيء من المحرم وما لا يجري فيه شيء من ذلك, ولو كان التفصيل شيئاً لازماً لبنيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأمته لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع. وإذا جرى في بدعة من البدع شيء من المحرمات فلا شك أن المنع منها يكون أكد مما لم يجر فيه شيء محرم.

فصل

وقال صاحب المقال الباطل وأي خير أكرم وأفضل من ذكر الله,

طور بواسطة نورين ميديا © 2015