وأما قول صاحب المقال الباطل إن مقارنة صنع الطعام في المآتم بالنياحة مقارنة غير صحيحة.
فجوابه: أن يقال هذا قول باطل مردود بما رواه ابن أ [ي شيبة عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يعد الاجتماع إلى أهل الميت وإطعام الطعام من النياحة, ومردود أيضاً بما رواه الإمام أحمد وابن ماجه عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه أنه قال: «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة» وهذا حكاية إجماع من الصحابة رضي الله عنهم على عدّ الحفلات التي تقام في المآتم من النياحة, وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه» وفي رواية «إن الله جعل الحق على لسان عمر يقول به» وقال - صلى الله عليه وسلم -: «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» وقد ذكرت هذه الأحاديث قريباً فلتراجع.
وإذا علم هذا فليلعم أيضاً أن اطّراح قول الخليفة الراشد الذي جعل الله الحق على لسانه وقلبه وعدم المبالاة به ليس بالأمر الهيّن, وكذلك اطّراح ما حكاه جرير بن عبد الله رضي الله عنه عن الصحابة رضي الله عنهم ليس بالأمر الهيّن, ويلزم على اطّراح قول عمر رضي الله عنه اطّراح قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» واطّراح قوله أيضاً: «إن الله جعل الحق على لسان عمر يقول به» وما لزم عليه اطّراح قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو قول سوء يجب رده على قائله والتحذير من الاغترار به, وكذلك اطّراح قول عمر رضي الله عنه وما ذكره جرير بن عبد الله رضي الله عنه عن الصحابة رضي الله عنهم لا شك أنه قول سوء يجب رده على قائله والتحذير من الاغترار به.