الجهال في مشارق الأرض ومغاربها يحتفلون بالمولد النبوي أعظم مما يحتفلون بعيد الفطر وعيد الأضحى. وذلك من إضلال الشيطان لهم وتعظيمه لبدعة المولد في نفوسهم كما أخبر الله عنه أنه قال: {ولأضلنهم} وقد بلغ من إضلال الشيطان لبعض المفتونين ببدعة المولد أن جعلوها من الدين, فزعم بعضهم أن الاحتفال بالمولد مطلوب شرعاً وأنه مشروع في الإسلام, وزعموا أيضاً أنها بدعة حسنة محمودة, وزعموا أيضاً أنها سنة مباركة, وزعموا أيضاً أنها من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها. وقد ذكرت هذه الأقوال الباطلة مع الرد عليها في كتابي المسمى بـ «الرد القوي» , على الرفاعي والمجهول وابن علوي. وبيان أخطائهم في المولد النبوي» فلتراجع هناك, ولا يخفى ما في هذه الأقوال الباطلة من المعارضة لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - برد المحدثات والأعمال التي ليس عليها أمره وعدم المبالاة بنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المحدثات ومبالغته في التحذير منها وقد قال الله تعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}.
الوجه الثالث: أن يقال لا يخفى ما في الاجتماع إلى أهل الميت وصنعهم الطعام للناس من المضاهاة لحفلات النكاح التي شرعها الله تعالى على لسان نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - ,وشتان ما بين أيام الفرح والسرور وأيام المصائب والأحزان, وقد ذكرت فيما تقدم قريباً عن ابن الهمام أنه قال في اتخاذ الضيافة من أهل الميت أنها بدعة مستقبحة, وذكرت أيضاً ما ذكره صاحب «عون المعبود» عن كثير من الفقهاء أنهم قالوا إن الضيافة من أهل الميت قلبٌ للمعقول وعللوا ذلك بأن الضيافة إنما تكون للسرور لا للحزن.