محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار» وكان يقول: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة» وفي هذين الحديثين دليل على أن التحذير من البدع والمبالغة في ذمها من أعظم الحكمة وأبلغ الموعظة الحسنة, وعلى هذا فلا لوم على الخطباء الذين يقتدون برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويتمسكون بسنته وهديه, وإنما اللوم على من لامهم واعترض عليهم وطلب منهم أن يأتوا بحكمة وموعظة ليست من الحكم والمواعظ المأثورة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
الوجه السادس: أن يقال إن النهي عن موائد المآتم والاحتفال بالمولد النبوي واجب من واجبات الشرع لأنهما من المحدثات, والمحدثات كلها شر وضلالة بالنص الثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكلها في النار كما هو منصوص عليه في حديث جابر الذي تقدم ذكره في أول الكتاب, وما كان بهذه المثابة فهو من المنكرات التي يجب النهي عنها عملاً بما أمر الله به في كتابه وأمر به رسوله - صلى الله عليه وسلم - , فأما ترك الكلام عن الموائد في المآتم الذي قد دعا إليه صاحب المقال الباطل فهو في الحقيقة من المداهنة والسكوت عن إنكار المنكر ولا يجوز فعل ذلك ولا الدعاء إليه لأن الله تعالى قد لعن بني إسرائيل وذمهم على المداهنة والسكوت عن إنكار المنكر فقال تعالى: {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا كانوا يعتدون, كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون} وإنما قص الله علينا ما فعله بنو إسرائيل من ترك التناهي عن المنكر وأنه لعنهم على ذلك وذمهم على المداهنة لنعتبر بذلك ولا نفعل كما فعلوا فيصيبنا