عما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من الإصغاء إلى النصيحة والتحذير من المحدثات وعدم الملل من كثرة التكرار لذلك فلا خير فيه.
الوجه الرابع: أن يقال من أعظم المفاسد والمحرمات الحقيقية إظهار البدع بين المسلمين لأن إظهارها يدعو العوام إلى قبولها والافتتان بها وذلك من أعظم ما يفتك بالدين. وأعظم من ذلك مفسدة وفتكاً في الدين تحسين البدع للعوام والذب عنها بالكتابة في الصحف والكتب التي لا خير فيها. ولا يخفى ما في هذا الفعل الذميم من معارضة أقوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التحذير من البدع والمبالغة في ذمها والأمر بردها. من هذا الباب بدعة الاحتفال بالمولد النبوي وبدعة إقامة الولائم في المآتم. فقد افتتن بهما كثير من المسلمين والمنتسبين إلى الإسلام. وافتتن بهما أيضاً كثير من الكتّاب والأدعياء في العلم ومن لا بصيرة لهم في الدين وبذلوا جهدهم في تحسين هاتين البدعتين والذب عنهما ومعارضة من ينهى عنهما ويحذّر منهما. وهذا من الدعاء إلى الضلالة. ومن كان سبباً في إضلال الناس فله نصيب من أوزار الذين يضلون بسببه لقول الله تعالى: {ليحلموا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا سآء ما يزرون} وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً» رواه الإمام أحمد ومسلم وأهل السنن وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
الوجه الخامس: أن يقال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أعظم الداعين إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة. وكان يكثر أن يقول في خطبته: «أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي