البدع وسوء عاقبتها. وحيث كانت البدع بهذه المثابة فالتحذير منها أهم من التحدث عن المجاعة وأحداث الساعة, وإذا حصل الجمع بين التحذير من البدع وبين التحدث عن المجاعة وأحداث الساعة وحث الأغنياء على الصدقة وبذل المعونة للمحتاجين من المسلمين فهو حسن جداً. وقد فعل ذلك خطباء المسجد الحرام وفعله غيرهم من الخطباء.
وأما قوله أيها الناس ارحمونا من هذا الكلام الممل من كثرة التكرار وعظونا وبصرونا بالمفاسد والمحرمات الحقيقية وانفذوا بكلامكم إلى أعماق نفوسنا بالحكمة والموعظة الحسنة واتركوا الكلام عن الموائد والمآتم إلا عما هو محرم فيها قطعاً لا مجال فيه للتأويل.
فجوابه من وجوه أحدها: أن يقال من أعظم الرحمة بالناس نهيهم عن البدع التي تفتك بالدين وتكون ضرراً على أصحابها في الدار الآخرة, وهي مع ذلك تزاحم السنن التي شرعها الله تعالى على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - وتكون سبباً في رفعها والحلول في محلها.
ومن هذه البدع إقامة الولائم في المآتم والاحتفال بالمولد النبوي. فأما إقامة الولائم في المآتم فهو من النياحة بإجماع الصحابة رضي الله عنهم. وما كان عن النياحة فهو محرم قطعاً ولا مجال فيه للتأويل, وأما الاحتفال بالمولد النبوي فهو من الزيادة على الأعياد المشروعة للمسلمين. والزيادة على ما شرعه الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - محرمة قطعاً ولا مجال في ذلك للتأويل لأن الله تعالى يقول: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم} فهذه الآية الكريمة شاملة لجميع المحدثات التي شرعها الشيطان وأولياؤه للجهال. ومنها إقامة الولائم في المآتم والاحتفال بالمولد النبوي لأن كلاً منهما من المحدثات التي لم يأذن الله بها ولم تكن من سنة