الأبدان فإنها مع الإيمان والصبر والرضا بقضاء الله وقدره قد تكون سبباً لتكفير السيئات والفوز بالجنة والنجاة من النار. وقد قال الله تعالى: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين. الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}.
ومما يدل على أهمية التحذير من البدع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبر أن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة. والمراد بالجماعة أهل السنة المتمسكون بما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم. وقد جاء وصف الفرقة الناجية من الثلاث والسبعين فرقة بأنهم الذين كانوا على ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنه. رواه الترمذي ومحمد بن نصر المروزي وابن وضاح والحاكم والآجري من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال الترمذي: حديث حسن غريب. وروى الطبراني في الصغير نحوه عن أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعاً. وروى الطبراني أيضاً والآجري نحو ذلك عن أبي الدرداء وأبي أمامة وواثلة بن الأسقع وأنس بن مالك رضي الله عنهم. وهذه الأحاديث يشد بعضها بعضاً.
وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله تعالى: {يوم تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه} قال: «تبيضّ وجوه أهل السنة والجماعة وتسودّ وجوه أهل البدعة والضلالة» وقد ذكر هذا الأثر البغوي وابن الجوزي والقرطبي وابن كثير في تفاسيرهم. وذكره غيرهم من المفسرين, وله حكم المرفوع لأنه فيه إخباراً عن أمر من أمور الآخرة وذلك لا يقال من قبل الرأي وإنما يقال عن توقيف. وفيه دليل على شؤم