الوجه الثالث: أن يقال: إن التخطيط لإعلان بدعة المولد ووضع البرامج الجديدة لها ولأمثالها من الاحتفالات المبتدعة ليس فيه تصحيح ولا تنظيم يعود بالخير والفلاح والنجاح كما قد توهم ذلك الكاتب المفتون بالبدع. وإنما هو من التخطيط والتلبيس على العوام وأشباههم من ضعفاء البصيرة, وهو أيضاً من الأعمال التي تعود بالمضرة على الدين وأهله كما جاء بذلك الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن غضيف بن الحارث الثمالي رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة» وهذا يدل على شؤم البدع وعظم مضرتها على الدين وأهله وذلك لما يقع بسببها من رفع السنن عن المسلمين. وروى أبو الفرج ابن الجوزي بإسناده إلى سفيان الثوري أنه قال: «البدعة أحب إلى إبليس من المعصية. المعصية يتاب منها والبدعة لا يتاب منها» وما كان بهذه المثابة فلا شك أنه من الشر ومن أسباب الخسران المبين. ويدل على ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في خطبته يوم الجمعة: «وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار» وما كان متصفاً بهذه الصفات الذميمة التي نص عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يقول عاقل إنه أجدى للفلاح والنجاح وأنه طريق إلى الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وإنما يقوله من زُين له سوء عمله فرآه حسناً.
الوجه الرابع: أن يقال: إن الفلاح والنجاح إنما يحصل لمن كان متبعاً للرسول - صلى الله عليه وسلم - ومتمسكاً بسنته وتاركاً لما حذر منه من البدع والضلالات وما نهى عنه من المعاصي والمخالفات. وقد وعد الله تعالى على متابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - كل خير وتوعد من شاقه وخالف أمره بالوعيد الشديد فقال تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم} وقال تعالى: {وأطيعوا