- صلى الله عليه وسلم - قال: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت» رواه الإمام أحمد والبخاري وأبو داود وابن ماجه من حديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه. والمعنى على أحد الأقوال أن من لا يمنعه الحياء يقول ويفعل ما يشاء ولا يبالي. وهكذا كانت حال الكاتب المفتون بالبدع حيث ألقى عنه جلباب الحياء وطالب بإعادة الحفلات المبتدعة التي قد منع منها الملك عبد العزيز رحمه الله تعالى من حين استولى على البلاد التي كانت تفعل فيها. وإنما منع منها الملك عبد العزيز رحمه الله تعالى عملاً بالأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في التحذير من البدع والأمر بردها. فجزى الله الملك عبد العزيز خير الجزاء على هذا العمل الطيب وعلى غيره من أفعاله الحسنة التي من أهمها نصر السنة وأهلها وقمع البدع وأهلها, والله المسئول أن يوفق ولاة الأمر من أبنائه للأخذ على أيدي المسيئين الذين يريدون إظهار البدع في البلاد المقدسة بعد المنع منها وتطهير البلاد من أدناسها.
الوجه الثاني: أن يقال: إن السعي لإحياء البدع وإظهارها بعد المنع منها يُعَدّ من السعي في الأرض بالفساد وقد قال الله تعالى: {ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها} قال القرطبي في تفسير هذه الآية إنه سبحانه نهى عن كل فساد قَلَّ أو كثر بعد إصلاح قَلَّ أو كثر فهو على العموم على الصحيح انتهى. وقال البغوي لا تفسدوا فيها بالمعاصي والدعاء إلى غير طاعة الله بعد إصلاح الله إياها ببعث الرسل وبيان الشريعة والدعاء إلى طاعة الله. وهذا معنى قول الحسن والسدي والضحاك والكلبي. وذكر ابن الجوزي في تفسير الآية أقوالاً أحدها لا تفسدوا بالمعصية بعد إصلاحها بالطاعة.