غضيف بن الحارث الثمالي رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما أحدث قوم بدعة إلا رفع من السنة مثلها» وهذا يدل على شؤم البدع وعظم مضرتها على الإسلام فيجب التحذير منها والإنكار على من يذب عنها ويحسّنها للناس.
الوجه الثالث: أن يقال: إن صاحب المقال قد اعترف أن إقامة الولائم في المآتم من الأمور التي لا تمت إلى الدين أو العبادة من قريب أو بعيد, ويجاب بأن ما كان كذلك فهو من المحدثات, والمحدثات كلها شر وضلالة كما تقدم النص على ذلك فيما رواه العرباض بن سارية وجابر بن عبد الله وابن مسعود رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم, ولا يجوز إقرار المحدثات ولا العمل بشيء منها, بل يجب ردها لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» وفي رواية: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد». ويجب أيضاً التحذير منها لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد حذّر منها وأخبر أنها شر وضلالة. وأيضاً فإن إقامة الولائم في المآتم من النياحة بإجماع الصحابة رضي الله عنهم كما تقدم التصريح بذلك في حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه, وقد صرح بذلك أيضاً عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيما رواه ابن أبي شيبة عنه وتقدم ذكره, والنياحة من الأمور التي لا تمت إلى الدين أو العبادة من قريب أو بعيد وإنما هي من أمور الجاهلية وقد جاء الإسلام بتحريمها ولعن فاعلها, وما كان بهذه المثابة فإنه لا يجوز إقراره, بل يجب رده ومحاربته, ومن قال بجوازه فقد أخطأ خطأ كبيراً وشاق الرسول - صلى الله عليه وسلم - واتبع غير سبيل المؤمنين. وقال الله تعالى: «ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً».