الوجه الثاني أن يقال إن مجالس الاحتفال بالمولد والمآتم وغيرها من الاحتفالات المحدثة والتي يطالب الكاتب بإحداثها ليست من مجالس الذكر كما قد زعم ذلك الكاتب, وإنما هي من مجالس البدع والضلالة لدخولها في عموم ما حذر منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووصفه بالشر والضلالة وأمر برده. وقد ذكرت الأحاديث الواردة في ذلك في البرهان السادس عشر والبراهين الثلاثة بعده فلتراجع ففيها أبلغ رد على الكاتب المفتون بالتمويه وقلب الحقائق.

الوجه الثالث أن يقال إن الكاتب المفتون قد كرر الاعتراض على الخطباء والوعاظ الناصحين من أجل أنهم كانوا يأتون في خطبهم ومواعظهم بما يشق على قلبه الذي قد أصيب بمرض البدع وعدم المبالاة بمخالفة الأمر الذي كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم, وقد كرر أيضاً الذم لخطبهم البليغة, فتارة يقول ارحمونا عن هذا الكلام الممل - ويعني بالكلام الممل نهيهم عن الاحتفال بالمولد النبوي وقولهم إنه من المحدثات التي حذر منها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وتارة يقول اتركوا الكلام عن الموائد والمآتم. وما علم الكاتب أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد نص على أن الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة, وعلى هذا إجماع الصحابة رضي الله عنهم ذكره عنهم جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه, وتارة يقول ما بال خطباء المساجد عندنا يريدون أن يتحجروا واسعاً ويتدخلوا في خصوصيات الناس ويفتون بأن الولائم التي تقام للعزاء محرمة ومخالفة لسنة رسول الله, وقد تعامى الكاتب عن تحذير النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المحدثات على وجه العموم ووصفها بالشر والضلالة والأمر بردها. وتعامى أيضاً عن إجماع الصحابة رضي الله عنهم على أن ولائم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015