فصل
وقال صاحب المقال الباطل: أجل إن مجالس الذكر أقوى أثراً في الوعظ والإرشاد والاتجاه إلى الله وطاعته واجتناب معاصيه من كلام بعض الخطباء والوعاظ والمنفرين الذين لا يحسنون أساليب الدعوة إلى الله ولا يعرفون من الدين إلا هذا شرك وهذا بدعة.
والجواب عن هذا من وجوه أحدها أن يقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يحتفل بمولده ولا بالمآتم ولا بشيء من الأيام التي وقعت في زمانه وكان لها أثر عظيم في تاريخ الإسلام ولم يكن يجعلها مجالس للذكر والوعظ والإرشاد. وكذلك الخلفاء الراشدون وسائر الصحابة رضي الله عنهم فإنهم لم يكونوا يفعلون شيئاً من ذلك, ولو كان فيما ذكره الكاتب أدنى شيء من الخير والإصلاح لكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أسبق إليه من غيرهم وقد قال الله تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر} فإن كان الكاتب يرجو الله واليوم الآخر فليتأس برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يخالف الأمر الذي كان عليه هو وأصحابه رضي الله عنهم فيصيبه الوعيد الذي توعد الله به المخالفين لأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقد قال الله تعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} فلا يأمن الكاتب أن يكون من المعنيين بهذه الآية وهو لا يشعر.
وأيضاً فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قال: «من رغب عن سنتي فليس مني» فلا يأمن الكاتب المفتون بالمحدثات التي ليست من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكون ممن انتفى منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو لا يشعر.