بثلاث وكان يخفف القراءة بقدر ما زاد من الركعات لأن ذلك أخف على المأمومين من تطويل الركعة الواحدة. ثم كان طائفة من السلف يقومون بأربعين ركعة ويوترون بثلاث وآخرون قاموا بست وثلاثين وأوتروا بثلاث, وهذا كله سائغ فكيفما قام في رمضان من هذه الوجوه فقد أحسن, والأفضل يختلف باختلاف أحوال المصلين فإن كان فيهم احتمال لطول القيام فالقيام بعشر ركعات وثلاث بعدها كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي لنفسه في رمضان وغيره هو الأفضل. وإن كانوا لا يحتملونه فالقيام بعشرين هو الأفضل وهو الذي يعمل به أكثر المسلمين فإنه وسط بين العشر وبين الأربعين, وإن كان بأربعين وغيرها جاز ذلك, ولا يكره شيء من ذلك, وقد نص على ذلك غير واحد من الأئمة كأحمد وغيره, ومن ظن أن قيام رمضان فيه عدد موقت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يزاد فيه ولا ينقص منه فقد أخطأ انتهى.

الوجه الخامس أن يقال: من استحسن بدعتي المأتم والمولد أو غيرهما من المحدثات في الإسلام واستدل على جواز ما استحسنه منها بفعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين جمع الناس على إمام واحد في قيام رمضان فإنه لا يخلو من أحد أمرين, إما كثافة الجهل بحيث لا يعرف الفرق بين المحدثات التي حذر النبي صلى الله عليه وسلم منها وأمر بردها ونص على أنها شر وضلالة وأنها في النار. وبين فعل الخليفة الراشد الذي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاقتداء به وأخبر أن الله جعل الحق على لسانه وقلبه وقرن سنته بسنته وأمر الأمة بالتمسك بها والعض عليها بالنواجذ, ومن كان بهذه المثابة من الجهل فإنه لا يجوز له الخوض فيما لا علم له به لأن الله تعالى قد نهى عن ذلك بقوله: {ولا تَقْفُ ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015