ووصفه إياهم بالعي الذي هو الجهل وعدم العلم فقد رواه أبو داود والدارقطني والبيهقي من حديث جابر رضي الله عنه قال: خرجنا في سفر فأصاب رجلاً منا حجر فشجه في رأسه ثم احتلم فسأل أصحابه فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم فقالوا ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات فلما قدمنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر بذلك فقال: «قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده» وقد رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم في مستدركه والدارقطني والبيهقي في سننيهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مختصراً وصححه الحاكم والذهبي.
قال ابن الأثير في «النهاية» وابن منظور في «لسان العرب»: العي الجهل قال أبو الطيب شمس الحق العظيم آبادي في «عون المعبود» والمعنى أن الجهل داء وشفاؤه السؤال والتعلم, وقال الخطابي في هذا الحديث من العلم أنه عابهم بالفتوى بغير علم وألحق بهم الوعيد بأن دعا عليهم وجعلهم في الإثم قتلة له انتهى. وفي هذين الحديثين وحديث أبي ذر رضي الله عنه أبلغ رد على صاحب المقال الباطل الذي قد بذل وسعه في معارضة العلماء الذي يحذرون من بدعتي المأتم والمولد وغيرهما من أنواع البدع والمخالفات.
فصل
وزعم صاحب المقال الباطل أن المنافقين لم يحرموا من بر النبي - صلى الله عليه وسلم - وعطفه. قال: ولم يسلط عليهم لسانه وقسوته.