يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) [البقرة 205] .
قالوا لا يرضاه دينًا كما أنه لا يريده دينًا ولا يرضاه ممن لم يفعله كما أنه لم يُرِدْه منه.
فقيل لهم فقولوا إنه لا يحب فعل المأمور ولا ترك المحظور وقولوا إن ما أمر الله به ورسوله فإنه لا يحبه ولا يرضاه ولكن يحب ويرضى ما يكون سواء كان كفرًا أو إيمانًا.
وقولوا إنه لا يريد ما وقع من الكفر والفسوق والعصيان فإنه لم يرده دينًا كما تأولتم قوله وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وأنتم تطلقون ما أطلقه المسلمون من أنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وقد قال تعالى إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ [النساء 108] فهذا قول قد وقع بمشيئته وقد أخبر أنه لا يرضاه وقال تعالى اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ [محمد 28] وما أسخطه لم يرضه مع أنه قد أراده.
وهذه الأمور مبسوطة في غير هذا الموضع والمقصود هنا التنبيه عليها فإن كثيرًا من الخائضين في هذه المواضع تجدهم متقابلين هؤلاء يثبتون حقًّا وباطلاً وهؤلاء يثبتون حقًّا وباطلاً وخيار الأمور أوساطها وهي طريقة سلف الأمة وأئمتها رضي الله عنهم أجمعين.
فإن قال هذا المدَّعي أنا أريد بالإحسان إليه فِعْل ما يرضاه من الطاعة وبالإساءة إليه فعل ما يُسْخِطه من المعاصي.
قيل له وإن أراد هذا فهو مخطئ أيضًا من وجوه:
أحدها أن إطلاق القول بأن الطاعة إحسان إلى الله وأن المعصية