وحَسْبُ صاحبه أن يكون معذورًا لغلبة الوارد عليه لا أن يكون مشكورًا وهو كحال من غاب بمعبوده عن عبادته وبمذكوره عن ذكره وبمعروفه عن معرفته حتى فَنِيَ من لم يكن وبقي من لم يزل فهذا حالٌ عارض لبعض السالكين ليس هو من لوازم السلوك ولا هو غايةٌ للسالكين بل هو حالٌ ناقص بِكَوْنِ العجز صاحبه عن الشهود المطابق للحقيقة.

فإن ذلك هو أن يشهد الأمر على ما هو عليه فيشهد عبوديته المحضة ويشهد ربوبية ربه ويشهد مع كونه لا يَعْبُد إلا إيَّاه وأنه يعبده بما شرع لا يعبده بالبدع أنه هو الذي جعله كذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله فيحصل له من الشكر وشهود المِنَّة والبراءة من الحول والقوة ما يُحقق مع إخلاصه لله وتوكلَه عليه وشكره له وهو الذي سماه الجُنَيد وأصحابه الفرق الثاني وهو الفرق الشرعي والأول الذي انتقلوا عنه هو الفرق الطبيعي فصاحب هذا يفرق بين الأمور بأمر الله ورسوله وذاك بهواه ونفسه.

ولمَّا تكلم الجُنَيد بهذا نازعه فيه طائفة من الصوفية وبعضهم كلمه فيه ووقع فيه كلام كثير قد ذكر بعضه أبوسعيد بن الأعرابي في أخبار النُّسَّاك ولهذا صار الجُنَيد قدوةً في هذه الطريق بخلاف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015