والمعاصي والأدعية والذكر والغفلة بل يطلبُ من الربِّ بدون الطاعة والذِّكْر والدعاء ما هو فوق ما يُحصِّل بذلك فيطلب منه أن لا يكون مع الذِّكْر والإحسان من الخاسرين.
وهذا كلامٌ يتضمن إلغاء الأمر والنهي والوعد والوعيد والثواب والعقاب وجعل النعيم والعذاب يحصل للعباد بخلاف ما أخبرت به الرسل عن الله من وعده ووعيده.
ومثل هذا الرأي يحصل لقوم من الناس من المتصوفة وغيرهم من أهل الإرادة سالكين طريق التألُّه والزهد والفقر إذا نظروا إلى القَدَر والمشيئة المطلقة أعرضوا عمَّا جاءت به الرسل من الأمر والنهي والوعد والوعيد ولا ريب أن هذا ضلالٌ مبين وخروج عن اتباع السنن.
وأمْثَل من هؤلاء في العلم والقول طائفةٌ من أهل الكلام والفقه والتصوف من المثبتين للقَدَر يقولون إن الأمر يصدر عن مشيئة محضة بلا حكمة ولا رحمة وأنه ليس في المخلوقات أسباب ولا قُوَى فهذا قولٌ قالته طائفة وإن كان السلف وجمهور الفقهاء وأهل الحديث والصوفية وجمهور أهل الكلام على خلافه لكنَّ هؤلاء مع هذا يقرون بالأمر والنهي والوعد والوعيد ويقولون إرسال الرسل وإنزال الكتب مما صدرت عن الرب بمشيئته وعُلِمَت هذه الأمور بالسمع وعُلِم وقوعُها لإخبار الله بها فهم يقولون وسائر الملل لا يجوز أن يُسأل ما قد أخبر أنه لا يفعله.
فقول صاحب الحزب مردود على أصلهم أيضًا كما هو مردود على أصل الجمهور وبمثل هذا الرأي الفاسد يفتري كثير من السالكين