وكذلك لمَّا قيل أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ [الزمر 36] قيل عبده هنا هو الذي يعبده بما أمر والدعاءُ الواجبُ والمستحبُّ من جملة ذلك.
فإن قيل مراده حاجات الدنيا أي اقْضِها لي بدون سؤال.
قيل هذا باطل لوجوه:
أحدها أنه لم يخصَّ سؤالاً من سؤال.
الثاني أنه قال فأخو الصلاح من أصلحته وأخو الفساد من أضللته والسعيدُ حقًّا من أغنيته عن السؤال منك وسياق الكلام يقتضي أنه طلب الاستغناء عن طلب الصلاح.
الثالث أنه يقال والسعيد مأمور بطلب مصالح دينه ودنياه كما في قوله تعالى وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) [البقرة 201] .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في الأدعية المأثورة عنه فعلاً وتعليمًا لأمته يذكر صلاح الدين والدنيا كقوله اللهم اغْفِر لي وارْحَمْني واهدني وعافني وارزقني.
وقوله اللهم أصلح لي ديني الذي هو عِصْمَة أمري وأصلح لي دُنْيَاي التي فيها معاشي وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي.