أعظم الجنايات.
* * *
قلت وضلالهم نشأ من جهتين من جهة كونهم لا يعقلون ولا يسمعون كما قال تعالى في أهل النار كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) [الملك 8-10] .
فإنَّ ما دخلوا فيه من العقليات في الإلهيات فيه ضلالٌ عظيم مخالف لصريح العقل.
وأما السمعيات فقد عُلِمَ إعراضهم عنها مع جهلهم وهم يدَّعون النجاة والسعادةُ بعد الموت تُحَصَّل بما عندهم من العلوم والأعمال من الأخلاق وسياسة المنزل والبدن وهذا باطل قطعًا فإنه قد ثبت باليقين الذي لا يحتمل النقض أن من لم يؤمن بالرسول فلا نجاة له ولا سعادة ولو حَصَّل جميعَ علومهم واتصف بما يأمرون به من الأخلاق والتدبير والسياسة حتى لو قُدِّر أن ما عَلَّقوا به النجاةَ والسعادةَ من العلوم والأخلاق بوحي من الله كما كان ذلك معلقًا بما جاء به موسى وعيسى والنبيون لكان بعضُ ذلك منسوخًا بما بعث الله به محمدًا صلى الله عليه وسلم فكيف وليس الأمر كذلك؟!