المعتزلة وهم يميلون إلى الجبر والإرجاء كمذهب جهم فهم بالجهمية أشبه منهم بالمعتزلة وإن كانت الجهمية خيرًا منهم من وجوه كثيرة.
وما يذكرونه من سعادة النفوس بعد الموت والطريق إلى ذلك فيه من الجهل والضلال ما الله به عليم ومن خبَرَ كلام أئمتهم كابن سينا عَلِم أنهم يعلمون من أنفسهم أنه ليس عندهم بذلك علم وإنما يتكلمون فيما لا علم لهم به كما تَمثَّل به الشهرستاني بقول القائل:
فدَعْ عنك الكتابةَ لستَ منها ... ولو سَوَّدت وجهَك بالمِداد
وأبو محمد بن حزم مع تعظيمه للفلاسفة ولعلومهم وتصنيفه في المنطق وغيره وتعظيمه للمنطق وأن كلامهم وكلام المعتزلة والجهمية عنده حتى نفى الصفات وأراد أن يجمع بين ذلك وبين ما جاءت به الرسل فقال ما لا حقيقة له ولا يعقل وأثبت ألفاظًا لا معنى لها وقال وقف العلم عند معرفة الصفات وكان هذا من تَحَمْيرهم وتَحَمْير الجهمية فيه اعترف مع ذلك بأنه ليس عندهم علم بما يُنجي ويُسْعِد بعد الموت فقال بعد تعديد علومهم من المنطق والطبيعي والرياضي وذِكر ما جاءت به النبوة قال والوجه الثالث من منفعة ... ما جاءت به النبوة هو التقديم بنجاة