وفي الترمذيِّ وغيره أنه قال نَسِي آدمُ فنسِيَتْ ذريتهُ وجَحَد آدمُ فجحَدَتْ ذريتهُ وهو حديثٌ جيد.
فإذا كان لم يُعْصَم أحدٌ من الأنبياء ولا غيرهم مِن مثل هذه الظنون والشكوك والأوهام فكيف يُعْصَم غيرهم منها؟!
وأيضًا فإن قول القائل الظنون والشكوك والأوهام الساترة للقلوب إما أن يجعلَها صفةَ توضيح وإما أن يجعلها صفةَ تقييد.
فالأول أن يكون مراده العصمة من كلِّ شكٍّ وظنٍّ ووهم لأن ذلك ستر القلب عن مطالعة الغيب لأن الشك والظن والوهم ينافي العلم ويضاده فالضدان لا يجتمعان فعلى هذا التقدير يكون سؤاله أن لا يشكَّ في شيء ولا يظن ظنًّا ولا يتوهَّم وهمًا ومعلومٌ أنَّ هذا لم يقع لأحدٍ من البشر بل ما من بشر إلا وقد يشكّ في أشياءَ كثيرة ويظن فيها ويتوهم.
وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إنَّكُم تَخْتَصِمون إليَّ ولعلَّ بعضَكُم أن يكونَ ألْحَنَ بحُجَّته مِنْ بعضٍ وإنما أقْضي بنَحْوِ ما أسمعُ فمن قضيتُ له من حقِّ أخيه شيئًا فلا يأخُذْهُ فإنما أقْطَعُ له قطعةً من النَّار وفي لفظ فاحسَبه صادقًا.