عنه بالضرورة وبقي كلا شيء موجود ثم أحياه الله بنور صفاته فأدرجه بهذه الحياة في معرفة هذا الموجود الرباني فلما استنشق من مبادئ صفاته كاد يقول هو الله فلحقته العناية الأَزلية فنادته ألا إنّ هذا الموجود هو الذي لا يجوز لأحدٍ أن يصفه ولا أن يعبِّر عن شيءٍ من صفاته لغير أهله لكن بنورٍ غيره يعرفه.
فيقال هذا بناه على ترتيبه أنه جعل النفس ثم القلب ثم العقل ثم الروح وهذا ليس من المتفلسفة فإنه ليس عندهم وراء العقل الأول غير الواجب ولكنه في كلام طائفة من متأخري الصوفية وأرادوا أن يجمعوا بين ما جاء من كلام الأنبياء وكلام الفلاسفة فسمعوا قوله تعالى يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا [النبأ 38] فقالوا هذا الروح فوق الملائكة والملائكة هي العقول فيكون هذا الروح غيرها.
ثم إنهم خلطوا الكلام في هذا الروح بروح ابن آدم ولهذا قال فلما استنشق من مبادئ صفاته كاد يقول هو الله فلحقته العناية الأزلية فنادته ألا إنّ هذا الموجود هو الذي لا يجوز لأحدٍ أن يصفه ولا أن يعبِّر عن شيء من صفاته لغير أهله.
وهم يحتجون على هذا بقوله قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85) [الإسراء 85] وفي كلام صاحب الإحياء وأمثاله طرف من هذا والقرآن ليس فيه النهي عن وصف روح ابن آدم ولا النهي عن التعبير عن شيءٍ من صفاتها بل الأحاديث والآثار مملوءة من وصف الروح وأنها تصعد وتنزل وتكون طيبة وخبيثة ومنعَّمَة