الملاحدة وهيهات فإن دين اليهود والنصارى أقرب إلى دين الإسلام من دين هؤلاء المشركين الصابئين الذين يعبدون الكواكب والأصنام وهم من أشد الناس كفرًا برب الأنام.
وإن كان لهم معرفة بأمور دنيوية كالحساب والطب فهذا نوع آخر غير معرفة الله ومعرفة كتبه وملائكته ورسله واليوم الآخر ومن المعلوم أن كون اليهودي والنصراني حاذقًا في طبٍّ أو حسابٍ أو كتابة أو فلاحة أو حياكة أو بناء أو غير ذلك لا يوجب أن يكون حاذقًا في معرفة الله ودينه فكيف بهؤلاء الذين هم أجهل بالله وبدينه من اليهود والنصارى إلا من كان منهم مع إظهاره لليهودية والنصرانية فإنه قد جمع نوعَي الكفر.
وهذا الحديث الموضوع لفظه أول ما خلق الله العقل قال له أقبل فأقبل فهو لو كان حقًّا إنما فيه أن الله خاطب العقل في أول أوقات خلقه بهذا الخطاب وهذا يدل على أنه خَلَق قبلَه غيرَه وهذا يناقض قولهم وفيه أنه وصف بالإقبال والإدبار وذلك ممتنع عندهم وفيه أنه قال له فبِكَ آخذ وبك أُعطي وبك الثواب وبك العقاب وعندهم أنه مُبْدِع لجميع الكائنات.
والحديث مقصوده أن الله لما خلق العقل الذي في بني آدم والعقل في لغة المسلمين عَرَض من الأعراض ليس هو جوهرًا قائمًا بنفسه فالحديث لو كان صحيحًا لم يدل إلا على ضدِّ قولهم فهم جُهَّال بسنده ومتنه.
وأما قوله فأمدَّه الله بنور الروح الرباني فعرف به هذا الموجود فرقّي إلى ميدان الروح الرباني فذهب جميع ما تحلَّى به هذا العبد تخلَّى