ومعلومٌ أَنَّ اللفظ إذا جُعِلَ حقيقةً في ذلك المعنى المشترك سَلِمْنَا من المجاز والاشتراك اللفظي اللذين (?) هما على خلاف الأصل، وكان اللفظ متواطئًا حقيقةً في ذلك المعنى العام المشترك اشتراكا معنويًا، ولا ريب أَنَّ التواطؤ خيرٌ من الاشتراك اللفظي والمجاز، فيكون جعله حقيقة في القَدْرِ المشترك أولى من جعله مجازًا، وذلك المعنى المشترك موجود في الحلف بالطلاق والعتاق= فيكون مسمَّى اليمين حقيقة في ذلك كلِّهِ؛ وهو المطلوب.
الوجه الثاني: أَنَّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين نَزَلَ القرآنُ بلغتهم سموا هذه التعليقات أيمانًا وأدخلوها في الآية، لم يثبتوا الحكم فيها بمجرد القياس -كما زعمه- فَعُلِمَ أنها يمين في لغتهم، داخلة في اسم اليمين المذكور في كتاب الله -تعالى-، وجمهور العلماء اتبعوهم، وهو مذهب الشافعي وأحمد وغيرهما، وَنَصُّوا على أَنَّ هذه التعليقات من معاني الأيمان لا من معاني النذور.
الثالث: أَنَّ القَدْرَ المشترك الذي به جُعلت هذه أيمانا: إما في الاسم والحكم، وإما في الحكم= ليس هو كون المشروط التزامَ أمرٍ -كما يَدَّعِيه هذا المعترض ونحوه-، فإنَّ هذا المعنى موجود في نذر التبرر، فإنَّ المشروط فيه التزامُ أَمْرٍ، [إذ] (?) لا فرق في كون المشروط الذي هو الجزاء التزامَ أَمْرٍ بين أَنْ يقول: إِنْ شفى الله مريضي فعليَّ الحجُّ، وبينَ أَنْ يقول: إِنْ سافرت معكم فعليَّ الحج. في كلا التعليقين عَلَّقَ التزامَ الحجِّ، ومع هذا