وَإِنْ قال: أيمان منعقدة غير مكفرة؛ فقد خالف الكتاب والسنة، وأتى بقول مبتدع؛ إذ ليس في شرع المسلمين يمين من الأيمان إلا منعقدة مكفرة، أو باطلة لا منعقدة ولا مكفرة؛ وأما يمين منعقدة غير مكفرة فهذا ليس من شرع المسلمين، وإنما هو من شرع أهل الكتاب، وكانوا عليه في أول الإسلام قبل أَنْ نَزَّلَ الله -تعالى- كفارة الأيمان.

ومع هذا التوجيه؛ فنحن نقول: التسوية بين التعليقين في اللزوم وإِنْ كان قولًا ضعيفًا، فقول مَنْ نفى لزومهما جميعًا أضعف منه، وقولُ مَنْ جعل الحالف بالطلاق يلزمه الطلاق أقوى من قول من يقول لا يلزمه لا طلاق ولا كفارة، ومن جعل هذا تعليقًا لازمًا ويمينًا لازمة أقوى مِن قول مَن جعل هذا تعليقًا باطلًا ويمينًا غير منعقدة.

فإنَّ قولَ الملزمين من جنس الشرع المنسوخ، وقولُ المبطلين من جنس شرع الجاهلية الذي لم يشرعه الله -عزَّ وجلَّ- قط؛ وقولٌ شُرِعَ ثم نُسخ أرجحُ من قول ما شرعَ قط، وكل مسألة فيها نزاع فالقول الصواب فيها هو موافق لشرع الرسول المحكم، وما خالفه فهو إما من جنس الشرع المنسوخ أو من جنس ما لم يشرع قط؛ والأول خيرٌ من الثاني (?).

فإنَّ هذه الأيمان هي من أيمان المسلمين بلا ريب؛ فالقول بانعقادها وعدم الكفارة فيها من جنس الشرع المنسوخ، وما كانوا عليه أولًا من أَنَّ اليمين يَلْزَمُ صاحبَها ما حَلَفَ عليه، وَأَنَّ مَنْ حَرَّمَ شيئًا حَرُمَ عليه كما حَرَّمَ إسرائيل على نفسه. والقول بأنها لا تنعقد ولا شيء فيها بمنزلة مَنْ جَعَلَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015